Thursday, November 21, 2019

حديث دون عنوان ..

منذ صغري إخترت الكتابة وسيلة لحديث نفسي .. بدأ الأمر بكتابة عبارات متفرقة ليس لها معنى إلا عندي .. وخوفاً من فهم أفراد اسرتي الصغيرة لما اكتبه ولإنني استلمت رسالة أن ما اكتبه سيكون مثار سخرية إذا قرأه أحد اتجهت لصياغة مشاعري وأفكاري في قالب قصص قصيرة على لسان أبطالها .. وكانت الخطة هي التبرأ من هذه الأفكار إذا قرأ أحدهم قصصي .. المفاجأة كانت أن أياً من أفراد أسرتي لم يهتم ابداً بالبحث في مكتبي أو حتى قراءة أياً من كتاباتي إذا وقعت تحت يده بالصدفة .. عندما اطمأننت لذلك لم أكتب قصصاً ابداً .. ولم يأبه أحد بذلك ابداً .. بل لم يلاحظ أحد .. وكأنني كنت أكتب لهم دون وعي .. 

طال بي الأمد دون كتابة .. ثم سلكت درباً جديداً .. مقالات قصيرة من جمل متناهية القصر .. تعبر عني بدقة .. اخترت جمهوري بعناية .. وعند توقفي هذه المرة كانت النتيجة مختلفة .. سأل عني اثنان .. أحمد أخي وإيمان صديقتي .. ظلا يذكرانني أنهما مستعدان للقراءة إذا كتبت .. والحق أن وسائل تواصلي معهما تحديداً دائما تؤتي ثمارها .. لا أبوح لأحمد بمكنون في القلب إلا ويساعد مساعدة حقيقية تتغلغل إلي أعماقي وتؤثر في سريعاً أما إيمان فهي الوحيدة حتى اليوم يعطيني حضن يطمئنني ..

آخر ثلاث سنوات كانوا عجاف بحق .. علاقتي بأنس فتحت الصندوق الأسود .. كل المخاوف والأزمات الداخلية التي كانت مخبوءة انفجرت في وجههي .. والأسوأ ظني أنه لزاماً عليا التظاهر بالثبات والهدوء حتى لا ألفت النظر لما يحدث بالداخل بيخاف المقربين .. أحدهم يخبرني أنه إكتآب ما بعد الولادة "بس طوِّل " .. وآخر يخبرني أنها مسألة إرادة ووسوسة شيطان .. وبعد محاولات لتهدئة الأصوات الصارخة داخلي قررت الإستسلام وإفساح المجال لها حتى تصل للخارج قد يكون هناك مخرج ..

خوف من الفراق .. إحساس عميق بالذنب تجاه الجميع .. آدائي لكل مهمام حياتي بوازع الواجب دون أن يخالج ذلك أي شعور بالراحة والرغبة الشخصية .. أرق مستمر ونوم غير مستقر .. غير عميق وغير مريح .. هواجس مخيفة من الإبتلاء والفراق والحزن .. والأسوأ على الإطلاق المكابرة والإصرار أنني "زي الفل" ..

وإستكمالاً للمكابرة رفضت الذهاب لمتخصص يقدم المساعدة .. لجأت لقراءة كتب الطب النفسي .. ولم تكن النتيجة مرضية نهائية .. فمن القراءات البسيطة وصَّفت علاقاتي بأقرب الناس لي من العلاقات المؤذية وهربت من العلاقة نهائياً .. ولم يكن في ذلك أي راحة بل مرة أخرى إحساس عميق بالذنب .. لا إله إلا الله .. تبت إلى الله ..

أننجب أطفالاً حتى نخاف .. حتى نعود للتمسك بدنيا قاسية وظالمة .. أطفالنا يفتحوا بأنمالهم الصغيرة الجروح التي إلتأمت من زمن .. أزمات تتأجج وتظهر كلها مرة واحدة .. ما بين البحث عن الهوية والتدقيق في العقيدة وصولاً للهدف من الحياة والشعور بالنجاح والفشل .. مروراً بتقييم الموروثات والعادات والتقاليد  .. ثم النظر بالتقييم للوالدين .. ثم الإصطدام الهادئ .. ما بين الرغبة في تهذيبهم والخوف من المساس بحريتهم .. لماذا نهذبهم .. هذه في حد ذاتها أزمة فكرية أسقط فيها مرة أسبوعياً على الأقل ..
أزمات يغلفها الحب الحقيقي ..
العون من الله

Tuesday, July 23, 2019

         رسالتي الأولى ..


تتزاحم الأفكار في رأسي لا أدري كيف أبدأ .. تتقافز أمامي وبداخلي وتتعارك لتظهر على الورق .. لا ترى الأفكار النور إلا بالكلمات .. الكتابة لم تكن بالنسبة لي يوماً قراراً بل دوماً كانت إضطراراً .. تنهمر الكلمات من شدة تزاحم الأفكار والمشاعر فلا تجد موضع للخروج إلا بكتابتها على الورق .. سأكتب اليوم مقطعين فقط لعل ذلك يكون إنفراجة .. ولتكن رسالة قصيرة لأنس .. طفلي وصديقي .. سندي ورفيقي ..

بعد أن أتممت عامك الثالث أدعو الله لك يا أنس أن يؤنس أيامك ولا تذق طعم الوحدة والخذلان .. الوحدة يا صغيري لا تأتي مرة واحدة بل تتسرب إلى روحك بالرغم من كثرة الناس حولك .. وقت أن تشعر أنك لم تصبح مفهوماً .. تتبع كلماتك العديد من المذكرات التفسيرية حتى لا تسقط في بئر سوء الفهم .. مُنعت الإختزال وقِصَر الحديث .. حينها إعلم أنك على أول الطريق .. وإحذر .. الوحدة بحر من الأفكار السوداء تغرق فيها وحدك .. لا تترك دوامتها تجزبك للقاع كما إستسلمت لها أنا .. تحل بالشجاعة وغادر .. كنت أجبن من ذلك .. لا تلهث وراء أصدقاء يخزلونك ولو كانوا البر الوحيد الباق .. استقم .. ارفع رأسك .. وتنفس أنفاساً عميقة حرة .. واجمع أشياءً لا تحمل ذكريات ولا حنين .. وارحل لمكان آخر قد تجد به صحبة حقيقية .. الوحدة موت .. حكى لنا الأبنودي عن نصيحة آمنة له قائلة "إن جاك الموت يا وليدي موت على طول" .. أما أنا أنصحك من عميق قلبي .. إياك يا أنس .. عافر .. ستَغلب لا محالة .. سيبقى الحب والخير وخلق الله الجميل .. إبحث عن الحق .. والحياة .. ولتعش عيشة طيبة في رضا وسلام ..

دب في قلبي الظلام من أمد لا أتذكره .. لا أعلم منذ متى دخلت في حالة الإكتئاب هذه .. ما أعلمه جيداً أن إدراك الأمر والإعتراف به إستغرق وقتاً طويلاً .. وليس صحيحاً أنه إكتآب ما بعد الولادة وطالت أيامه .. أنت بريء من ذلك يا حبيبي .. كان وجودك كاشفاً عما أصاب قلبي .. فالوحش كان كامناً في الداخل، قابعاً في ركنٍ مظلمٍ .. عندما أدركت أنني عاجزة عن حبك كما ينبغي .. فتشت في الداخل فوجدته .. وأدركت أنني لم أعد أحزن بما يكفي ولا أفرح بما يستحق .. مشاعري أمامي يفصل بيني وبينها حاجز زجاجي .. أرى الحزن ولا أتذوقه .. لم أعد حتى أتذوق الطعام .. أنام وفي الصباح استيقظ مرهقة للغاية .. بارقة الأمل انت .. فبسببك أقرأ وأطبخ وأرتاح .. بسببك استيقظ وأغادر سريري يدي تعانق يدك .. بسببك أحيا وأتمسك بالدنيا .. بل وأحبها ..
لم أتصور أن أولى رسائلي لك ستكون بهذا اللون الباهت وانت المتوهج الطليق .. ما باليد حيلة يا ولدي .. هذا أول ما أكتب من رصيد السنوات .. أحبك من أعماق قلبي ..

وختاماً .. سلام
23/7/2019


Sunday, April 5, 2015

بو بشير ..

استيقظت اليوم وما في بالي سوى البحث عن كتابي الذي كنت أقرأ فيه قبل السفر، بحثت عنه بجدية شديدة وسألت أبي لعله رآه في محاولة بائسة لإستعادة قدر من عاداتي قبل السفر .. أذكر أنني أغفلت عاداتي مع أحمد صباح ومساء يوم العمل العادي فلم أحادثه وأنا في المترو صباحاً ولم أحادثه وأنا عائدة إلى المنزل كعاداتنا  .. أذكر كذلك أنني ظللت يومين بعد العودة أقف في غرفتي مرتدية طرحتى وأفكر لأتذكر إتجاه قبلتي التي أديت صلاتي عليها لما يزيد عن العشرين عاماً !!

لم أفهم توتر أحمد قبل سفري .. وإن كان يبرره تصريحاً بخوفه علي فقد كنت ألمح في قلقه شعوره العميق ورؤيته الناضجة لما في داخلي من إهتزاز قد يؤدي سفري إلى زيادته بصورة مفزعة .. لعل ذلك ما حدث .. كنت أظن أن السفر لم يوفر لي سوى فرصة أكبر للتفكير والتأمل ولكن هيهات .. فحتى هذه اللحظات اتلمس داخلي ما فعلته بي الأرض الطيبة .. ولا يجب التبكير بتحديد أن أثر التجربة إهتزازاً أو إنقلاباً أو ثورة في مكان ما بداخلي .. 

أرض خضراء طيبة لا تحبس الماء ولا تبتلعه بالكامل .. أرض تترك الندى على قلوب أهلها فتجعله خصباً بالمحبة والتواضع والرحمة وعميق الإيمان .. تدور الرياح في عنف شديد بين المنازل القصيرة لتحدث أصوات تبدو لنا مخيفة وتبدو لأهل الأرض الطيبة تأكيداً لعظمة إبداع الخالق في صنع الوجود المحيط بما يحمله من رزق متعدد الصور ..  

أتعلم يا صديقي أنني قدِمت من بلاد شديدة الحرارة صيفاً ولا ترى الشتاء إلا شهرين في العام ويتميز أهلها بالجمود الفكري وإدعاء معرفة الله والإلحاح على بث القناعة بأننا خير الأنام وأحباب الله وأصحاب الحضارات المستنيرة والقوة الحارسة للمنطقة .. فلو تحدثت عن تونس أو الجزائر تجد أول تعليق فاشي أنهم لم يستطيعوا أن يصمدوا أمام الغزو الثقافي للمحتل الفرنسي ففقدوا لغتهم العربية  الغراء وامتزجت عربيتهم بالفرنسية وهو في "ثقافتنا" الجامدة محل انتقاد!!

والحق أن أذني لم تسمع في تونس - الأرض الطيبة - سوى لغة عربية منضبطة وسليمة ولم يطل منها التحريف إلا القليل جداً .. والفرنسية تستخدم بديل الإنجليزية في مصر والتي ذات "الثقافة" تعتبر الحديث بها ودمجها بالعربية علامة من علامات التمدن والحداثة الفكرية ..

حدثتني صديقتي القليبية عن والدها دافئ القلب .. أحب الأخشاب فأحبته .. أحب الحمام واهتم به فاستقر بورشته لا يغادرها .. يمتلك ورشة كبيرة لأعمال النجارة ويمتلك بجانبها قلباً سليماً الهمه إلى صنع حامل مصحف لأبي دون أن يراه وكان واسع كرمه مانعاً دون حمل هذا الحامل معنا إلى القاهرة .. فمن الكرم صنعه كبيراً بصورة لا تسمح لنا بحمله في الطائرة :)

هل تعلم أن جميع الأنبياء عملوا نجارين حتى تلين قلوبهم عدا ليِّن القلب بالفطرة سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

 حدثتني صديقتي عن "بو بشير" الذي ستظا محفورة برأسي كيف حملته من الأرض على إصبعها بحرص شديد وصعدت به إلي شقتنا ووضعته على دولاب خشبي لأجده في اليوم التالي يتحرك في الحمام فيسعد قلبي وأخبرتني أن الناس تطلق عليه بو بشيرلأنه يبشر بالخير ولم أخبرها أننا في بلادي الجامدة نرى هذه الحشرة مقبضة لخلو جناحيها من الألوان .. لم أخبرها أننا بلاد ضربتها العلمنة في القلب فلا ترى إلا بالعين ولا تميز إلا بالأذن .. حفظ الله الأرض الطيبة وناسها .. حفظ الله قلوبهم العامرة وأدام عليهم رؤية الجمال في خلقه ..

وللإدراك بقية .. 

Tuesday, August 19, 2014

ويظل القرآن بيني وبينك سبيلاً


أخفضت جناحي لك من الرحمة .. أخفضت جناحي لك من الود .. أخفضت جناحي لك من الزل .. ولم أرى فيه زلاً .. كان محجوباً عن عيوني .. عندما مددت يدك وانتزعت ما كان بالأمر من خصوصية وصدق ورحمة .. عندما غلب حبك على رحمتك .. عندما غلب كبرياؤك على ودك .. علمته زلاً .. لم يعد للأمر سبيلاً بعد اليوم .. لماذا كشفت المحجوب .. سامحك الله .. سامحك الله

"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" .. أخذت العفو منك وعفوت .. وأمرتك بالمعروف وإئتمرت بمعروفك .. ولم أظنك يوما جاهلا بإعراضي عن الجاهلين بما بيننا من سلام .. أعرضت عن كل ما لم يرق لك .. أعرضت عن كل ما قد يباعد بيننا يوما .. أراك لم تعرض عن جروحك الماضية .. لعلها لم تمضِ بعد .. رحمك الله وأحبك وأحسن حالك ..

"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" .. رجاءً .. لا تجهل يا سيدي ما تعنيه الامانة ولا تتجاهلها .. حمّلنا الله بأمانة الرحمة والانسانية واعمال سنته في الارض من صلاح العيش والقلب والمعشر .. فاعمل لحفظها .. والحفظ بالإعمال وانت تدرك .. وأكثر علماً .. حاش لي أن أقول وانت المستمع .. أعلم انني حملتك امانة أشفقت عليك منها كثيرا .. وهي نفسي .. انا امانتك يا سيدي .. انت امانتى التي سأُسأل عنها حياةً ومماةً ..
 
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ... وما لها من آية تلخص كل ما يختلج في صدري .. اتدرك ان البر قد يكون بر الحبيب .. وما الإيمان غير إخبار القلب قبل العقل .. وما الإيمان إلا حسن الظن بالخالق وخلقه .. وما الإيمان سوى تصديق القلب لإعجاز تدبير المدبر .. لا تؤتي المال إلا على حبك .. لا تؤتي أمراً إلا على حبك .. أيحق لي أن أُعِد نفسي ممن في الرقاب .. فسّر المفسرون "وفي الرقاب" بعتق العبيد .. ولم أفهمها سوى أن تؤتي المال على حبك لمن هم في رقبتك .. ولا أحسب انني أتعلق بشيئاً غير ذلك .. رقبتي حتى الآن خالية تنتظر عهدك .. وليس للعهد موطن إلا بالقلب .. لا حائل بين وفائك لعهدك سوى ما وهبته لك بالفعل .. لا تماطل يا سيدي .. فمماطلة الغنى الظلم .. ليس في الشكوى من الصبر شيئاً .. وليس للحزن من الرضا شيئاً .. وليس إغترار الوجع والإنغماس فيه من الإحتساب شيئاً .. لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون .. ولا يُسأل عن لوعة الألم وهو المدبر .. والإبتلاء مصنع المؤمنين .. والإحتساب هو شيمة القوي .. والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله .. والصدق لم يكن يوماً صدق اللسان .. الصدق مبدؤه الجوارح ومنتهاه القلب .. والتقوى بذرة الحياء .. والحياء أذكى شعب الإيمان .. والإيمان عين التقوى ومنتهاها .. اللهم ارزقنا القلب الصالح والعمل الصالح والصحبة الصالحة .. اللهم ذكي أنفسنا ..

نصيبك معي يا عزيزي من القرآن فائض ..  

Friday, June 20, 2014



خُلقنا وخُلِقَت أدوارنا معنا .. عندما اقتحمت عليك ايامك لم يكن فعلي أو طلبي .. كان دفعاً من الخالق .. دفعني دفعاً إلى داخلك .. قد يكون لي دور ولعبته كما شاء لي مقسم الأرزاق .. قد يكون الأمر لكلمة قلتها أو لم أقلها .. الأمر كله من عند الله ولله .. كنت أنقبض كلما رأيت نفسي في الأمر .. كلما رأيت نفسي أو قراري استشعرت أن الأمر دار بعيداً عن المراد .. سألني العديدين عما إذا كنت قد صليت استخارة .. وبالرغم من انني كنت أصلي بالفعل كان ردي واضحاً .. وما جدوى الإستخارة في أمر دُفعت دفعاً إليه ..

لم أرى في الأمر دنيا .. من بادئ الأمر حتى آخره .. لم يكن أرضياً ولم يكن به رائحة الدنيا .. اول ما فاحت منه رائحة الدنيا أدركت النهاية قادمة .. علمت أن دوري انتهى .. نجاحاً أو فشلاً واضحاً لا يهم .. لم يكن لي من الأمر شيء وليس لي منه شيء .. ولم يبق منه إلا استشعار الفضل والرزق ..

لم أكن يوماً من المؤمنات بالفرص ولا من الباحثات عن اقتناصها .. كنت ولا أزال من المؤمنات بالرزق .. من المؤمنات بالحب والسعادة والود الرفق رزقاً .. رضيت برزقي معك من ود ورفق ورحمة وحب وذكريات ستصاحبني ما حييت .. لم ارك يوماً فرصة تُقتنص .. لم أمد يدي إليك يوماً ولن أمد .. ها هي الدنيا تصارعني عليك وها أنا أقبض يدي عنك بعيداً واتركك للدنيا .. لا اذكر انني صارعت الدنيا على شيئاً من قبل ولا أنوي .. أعلم أن رزقك منها واسع .. أعلم أن الرزاق لن يقبض يده عنك ابداً .. أعلم أنه حناناً مناناً سيهبك السعادة زوّادةً في رحلتك ..

كتبت صديقتي يوماً .. انها ستنفق حبيبها عملاً بقول الكريم "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" .. لن أنفقق يا حبيبي .. بل سأدخرك حياة لزمن قادم .. سأدخر خيرك ونورك .. لن اترك للزمن فرصة أن يريني ما يسؤني منك .. سيظل ذكرك في حديثي خيراً .. ستظل بين سطور حكاياتي حباً .. ستظل على حبات مسبحتي دعاءً ..

للصمت طنيناً .. وللرزق حنيناً .. ولا يدرك الحب إلا الشجعان .. 

Thursday, June 12, 2014

حب قائم وآخر مضي وآخر قادم ..

استيقظ صباحا لادرك انني نمت من الساعة العاشرة تقريبا دون صلاة العشاء .. جلست على سريري افكر ليلا فسقط النوم على رأسي كما يسقط الصقر على فريسته .. اصبح النوم هروبا ناعما .. قد تكون تجربتي هذه فضل من المتفضل لتعليمي ان النوم فضل .. النوم رحمة من الرحمن الرحيم .. النوم حب الله لعباده .. طلبت مني صديقتي ان اكتب عن الحب القادم .. فقررت ان احكي عن حب قائم وحب مضى وحب قادم .. 

حب قائم .. اليس الله بكافٍ عبده .. بلى كافٍ وكافٍ رزقه .. أيطرح ربنا علينا سؤال بهل نشعر من داخلنا انه يكفينا وفقط؟ ام هو سؤال إخباري بانه كفانا النقص والاحتياج من الرزق؟ وان كان السؤال هو الاول فهل يعني ان يكفيني ربي بان استغنى عن وجود البشر بحياتي .. فإن كان ذلك فلماذا خلقنا فقراء لبعضنا البعض .. نحتاج ان نتعكز على بعضنا البعض .. فنستيقظ لنجد رسالة من صديق يطمئن علينا فنسعد .. نجد أخ او صديق يصنع لنا كوب شاي بيده فنشعر بالدفيء قبل ان نشربه .. أدرك كم كفاني الله شر الحاجة وملئني برزقه الواسع من دفئ اصدقائي ورزقني وحدة داخلية دفعتني إلى الاستغناء عن كل ما هو غير موجود .. اعتدت ان استمع إلى القرآن وانا احمل قلما في يدي واكتب ما يمس قلبي من آيات .. قرأت اليوم آية لا اتذكر متى كتبتها ولكن ربي ارسلها لي اليوم وهو العالم بشدة حاجتي إليها ... فنجيناك من الغم وفتناك فتونا .. كانت لنا آية ..  "كلا إن معي ربي سيهديني" .. وها هي آيتي تدك علي محرابي .. احبك ربي حبا قائما ومتجددا .. حبا دائما وكاملا .. احبك ربي خالقا ورازقا وهاديا وحفيظا .. احبك ربي باقيا ونورا حنانا .. 

حب مضى .. ان كانت حالة فكيف تمضي .. وان كان رزقا فكيف يمضي .. لا يمضي الا الاشخاص .. الشعور لا يمضي ولا ينتهي .. الحب لا يمضي ولا ينتهي ولا يغيب .. الحب ككوب الماء تشربه فترتوى اوصالك .. الحب ككلمات القرآن تسمعها فينتفض قلبك .. يمضي المحبوب ويترك لك عادات .. تتنوع العادات ما بين عادات حانية او قاسية .. مضيت فتركتني افتح كفي للهواء وأنا اتجول في شوارع القاهرة .. مضيت فتركتني اتحرى الطرق الملازمة للنيل فاتخذها طريقا كلما أمكن ذلك وإن طال الطريق .. مضيت فتركتنى احمل بحقيبتي ماصة فقد احتاجها ونحن نشرب عصيرا من مكان ليس به اكواب بلاستيكية .. مضيت فتركتنى اشرب عصير الاناناس بدلا من البرتقال فقط كي اشعر بك معي .. تعاتبني على تمسكي بالماضي ولا تدرك انه لم يبق منك الا ماضي .. مضيت فتركت لي ماضي لا انوي التفريط فيه .. مضيت وتركت لي عادات جديدة دون أي نوايا بإستعادة عاداتي القديمة .. لن اقبض كفي على شيئا سأظل افتحه للهواء واتذكر كفك وهو يغازل هواء القاهرة .. 

حب قادم .. ما ادرانا بالقادم  يا صديقتي .. قد ما يأتي أجمل من الحب .. لعل الله يرزقنا برضا قادم وحنان قادم ورحمة قادمة ورفق قادم .. صدقيني يا صديقتي الرحمة اكثر دفئا من الحب والرفق اكثر جمالا من الحب .. أخبرنا ربنا انه خلقنا للرجال سكنا وجعل بيننا مودة ورحمة .. ولم يذكر حبا ولم يذكر عشقا .. ولانه لا شيئا يدوم فساكون اكثر دقة واقول .. الحب لا يطول .. رزقني ورزقكي الله برحمة تطول ومودة تطول ودفئ يطول وسندا يطول .. رزقني ورزقكي بنعمة السكن والسكينة .. بدون سرايا او قصور .. إن رُزقتي السكن والسكينة والمودة والرحمة لن تحتاجي قصرا او سرايا .. ستحتاجين شارعا تسيرين فيه بحرية لا يحيطك سوي رزقك الواسع .. فليرزقنا ويرزقكي الرزاق .. 

Friday, June 6, 2014

أول ما أصرح به في حبك ..


فلتُنِر حياتي كهلال غرة شعبان في عتمة السماء .. 

لا اتذكر لماذا لبثت أدعو لك بفك الأسر .. لا علم لدي حقاً من أين حضرت لي الدعوة .. أتظن أن الحب أسراً  !! .. أم كان حبك الأول أسراً ..هل خرجت من أسر إلى أسر .. سألتك وعديدين ما هو الحب .. أجابتنى إحدى صديقاتي .. الحب ستعرفينه دون أن تسألين نفسك هل هذا حباً .. الحب سيكشف نفسه لقلبك سريعاً .. ولم تعطنى انت جواباً .. والآن أخبرك بما ظهر عندي ..

الحب حرية وقوة وسعادة صادقة .. الحب هو أن ترى كل ما حولك جميلاً .. الحب هو لا تخشى إلا الله وفراق الحبيب .. الحب هو ان تنسى الكون وانت بجانبي .. الحب هو الا أتذكر إلاك .. الحب هو هبة الله لمن يحبونه ويتبعون رسوله .. قال تعالى "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" – (آل عمران – 31) .. لم يخبرنا ربنا أن الحب يقابله حباً بل أكد أنه لابد للحب من فعل يغرس الحب في ما بداخل نفوسنا من تربة طيبة .. فيذوب الحب ويثمر لنا أزهاراً تتفتح حباً إلهاياً خالصاً له عطراً طيباً .. فيبدأ الأمر حباً بشرياً ثم يأتي العمل يحمل صدقاً فيبزغ حباً الهاياً خالصاً .. اللهم املئ قلوبنا بحبك وارزقنا العمل في حبك وأحببنا ليس بقدر عملنا ولكن بقدر رحمتك وعزتك وجلالك ..

كنت أفزع كلما مر برأسي هاجس أن أكون قيدك يوماً ما .. لم أنظر للأمر يوماً بعين العدالة البشرية .. لم أفكر يوماً بأن العدالة تقتضي أن أكون قيدك كما كنت لي قيدي .. لم أنتظر منك إلا اماناً وحرية .. انتظرتك أن تحررني من كل قيودي إلاك .. أسرفت في رغبتي أن أتركك حراً طليقاً .. بل أزيدك حرية .. وعند اصطدامنا لاول مرة صرحت في وجهي بأنني قيدك الوحيد .. يومها لم أحزن بقدر ما فزعت .. هممت بالهروب .. وجدتك منثوراً بأوصالي .. وجدت أنفاسك تحيطني .. وجدتك في كل شيء حولي ومعي وبداخلى .. اليوم أخبرك أن الحب هو تمازج طاقاتنا .. الحب هو تناثرنا بداخل بعضنا البعض .. الحب هو الا يوجد مفر لأياً منا إلا للآخر .. الحب هو أن ترسو مركبي لديك اينما اتجهت .. اجدني اقتبس كلماتك .. لا .. بل كلماتك اقتبستنى .. أحبك فلا اطلق دعوة للكريم إلا وانت فيها .. أحبك فلا أفعل شيئاً إلا وانت جزءاً منه .. أحبك فلا أرى الاشياء إلا بعيونك .. أحبك فلا أرى شيئاً في وجودك إلاك .. أحبك فلا أفعل سوى البحث عنك في غيابك ..

مُزجَت روحك بروحي كما تمزج الخمرة بماء الزلال،
فإذا مسك شيء مسنى فإذا انا انت في كل حال،
تصاعد انفاسي إليك عتاب،
وكل إشاراتي إليك خطاب،
وإن لاحت الاسرار فهي رسائل،
فهل لرسالات المحب جواب،
فليتك تحلو والحياة مريرة،
وليتك ترضى والانام خضاب،
وليت الذي بينك وبيني عامرٌ،
وبيني وبين العالمين خراب،
إذا صح منك الود فالكل هينٌ،
وكل اللذي فوق التراب تراب،

يوماً ما أخبرتك بما قاله الشيخ من الفارق بين حب الوعاء الذي ألقى فيه الله الخير وحب صفات الأفراد التي هي محض هواء .. فخيبت أملي حينها بسؤالي عن كيف بدأ حبي لك .. أهو حب وعاء للخير أم هو حب للهواء المنثور .. يومها أخفيت عنك خيبة أملي برد السؤال عليك .. أنسيت يا حبيبي أنني أول ما أحببت فيك هو طاقة نورك !! .. أتذكر كلامي الدائم لك عما رأيته بداخلك من نور .. لم يلق الله بداخلك خيراً إنما ألقى نوراً منه .. القى فيك من فضله الكثير وليتك تعلم .. ليتك تعلم انك تذمرت كثيراً في الآونة الأخيرة من دوام تنقلك ونسيت أنه ما رضى لك يوماً بمبيت ليس فيه عزة .. رضى لك بالتعب والعنت ولم يرضى لك الزل .. عافاك بفضله ونجاك من سوء العمل ومرض القلب .. ترى أمرك يضيق وأراه واسعاً وسع رزق الرزاق .. لم أقصد يوماً أن أزايد عليك وحاشاني أن أفعل يوماً .. ولكنني مازلت أؤمن أني أحمل لك شيئاً وتحمل لي شيئاً .. فلا أبخل عليك بكلمة خير وأرجوك لا تبخل .. أؤمن أن المدبر لم يلق بي في طريقك إلا لخير لي ولك .. أحببت فيك رزقي .. أحببت فيك فضل الله علي ..