حديث دون عنوان ..
منذ صغري إخترت الكتابة وسيلة لحديث نفسي .. بدأ الأمر بكتابة عبارات
متفرقة ليس لها معنى إلا عندي .. وخوفاً من فهم أفراد اسرتي الصغيرة لما اكتبه
ولإنني استلمت رسالة أن ما اكتبه سيكون مثار سخرية إذا قرأه أحد اتجهت لصياغة
مشاعري وأفكاري في قالب قصص قصيرة على لسان أبطالها .. وكانت الخطة هي التبرأ من
هذه الأفكار إذا قرأ أحدهم قصصي .. المفاجأة كانت أن أياً من أفراد أسرتي لم يهتم
ابداً بالبحث في مكتبي أو حتى قراءة أياً من كتاباتي إذا وقعت تحت يده بالصدفة ..
عندما اطمأننت لذلك لم أكتب قصصاً ابداً .. ولم يأبه أحد بذلك ابداً .. بل لم يلاحظ أحد .. وكأنني كنت أكتب لهم دون وعي ..
آخر ثلاث سنوات كانوا عجاف بحق .. علاقتي بأنس فتحت الصندوق الأسود .. كل
المخاوف والأزمات الداخلية التي كانت مخبوءة انفجرت في وجههي .. والأسوأ ظني أنه
لزاماً عليا التظاهر بالثبات والهدوء حتى لا ألفت النظر لما يحدث بالداخل بيخاف
المقربين .. أحدهم يخبرني أنه إكتآب ما بعد الولادة "بس طوِّل " .. وآخر
يخبرني أنها مسألة إرادة ووسوسة شيطان .. وبعد محاولات لتهدئة الأصوات الصارخة داخلي
قررت الإستسلام وإفساح المجال لها حتى تصل للخارج قد يكون هناك مخرج ..
خوف من الفراق .. إحساس عميق بالذنب تجاه الجميع .. آدائي لكل مهمام حياتي بوازع
الواجب دون أن يخالج ذلك أي شعور بالراحة والرغبة الشخصية .. أرق مستمر ونوم غير
مستقر .. غير عميق وغير مريح .. هواجس مخيفة من الإبتلاء والفراق والحزن ..
والأسوأ على الإطلاق المكابرة والإصرار أنني "زي الفل" ..
وإستكمالاً للمكابرة رفضت الذهاب لمتخصص يقدم المساعدة .. لجأت لقراءة كتب
الطب النفسي .. ولم تكن النتيجة مرضية نهائية .. فمن القراءات البسيطة وصَّفت
علاقاتي بأقرب الناس لي من العلاقات المؤذية وهربت من العلاقة نهائياً .. ولم يكن
في ذلك أي راحة بل مرة أخرى إحساس عميق بالذنب .. لا إله إلا الله .. تبت إلى الله
..
أننجب أطفالاً حتى نخاف .. حتى نعود للتمسك بدنيا قاسية وظالمة .. أطفالنا
يفتحوا بأنمالهم الصغيرة الجروح التي إلتأمت من زمن .. أزمات تتأجج وتظهر كلها مرة
واحدة .. ما بين البحث عن الهوية والتدقيق في العقيدة وصولاً للهدف من الحياة
والشعور بالنجاح والفشل .. مروراً بتقييم الموروثات والعادات والتقاليد .. ثم النظر بالتقييم للوالدين .. ثم الإصطدام
الهادئ .. ما بين الرغبة في تهذيبهم والخوف من المساس بحريتهم .. لماذا نهذبهم ..
هذه في حد ذاتها أزمة فكرية أسقط فيها مرة أسبوعياً على الأقل ..
أزمات يغلفها الحب الحقيقي ..
العون من الله